وباء "الوحدة".. آخر الأضرار النفسية لجائحة كورونا

وباء "الوحدة".. آخر الأضرار النفسية لجائحة كورونا

 

ندوب كثيرة أحدثتها الأوبئة والأزمات بجسد العالم ونفسه وروحه، الأمر لم يقف عند البُعد الاقتصادي للوباء وخسارة الملايين أعمالهم وأموالهم، ولكنه توغل ليخترق سياجهم النفسي ويصيبهم بما يسمى بـ"وباء الوحدة".

مؤخرًا ووفقًا لتقارير صحفية، فقد توصل بحث نُشر في مجلة "American Psychologist"، إلى أنّ الشعور بالوحدة ازداد خلال الجائحة، وأطلق الخبراء على هذه الحالة اسم "وباء الوحدة". 

وترتبط هذه الوحدة، بزيادة الاكتئاب والقلق، وبقصر العمر أيضًا، وحالات الوفاة المبكرة، والإصابة بالخرف، واضطرابات النوم، إلى العديد من الحالات الأخرى.

وفي تقرير لها قالت منظمة الصحة العالمية: “إنه في العام الأول من جائحة كوفيد-19، زادت معدلات القلق والاكتئاب العالمية بنسبة هائلة بلغت 25 في المئة”.

وتشير النتائج الواردة في تقرير جديد صادر عن وكالة الصحة الأممية إلى أن التدهور الأكبر في الصحة النفسية حدث في المناطق الأكثر تضررا من كـوفيد-19، حيث كانت الإصابات عالية والتفاعل الاجتماعي مقيّدا. 

 وقال مدير عام منظمة الصحة العالمية د. تيدروس أدهانوم غيبرييسوس: “المعلومات التي لدينا الآن حول تأثير كوفيد-19 على الصحة العقلية في العالم ليس سوى غيض من فيض”.

الذهاب إلى الطبيب النفسي هو الحل

قال الخبير النفسي، جمال فرويز: "إن العزلة أحيانًا تكون صفات شخصية، يميل البعض إلى العزلة حتى عن أسرهم يمتلكون أصدقاء قليلين، ستجدهم ناشطين على السوشيال ميديا لكن لديهم خجلا اجتماعيا في العلاقات المباشرة، هم أسوياء ولكنها صفة شخصية وتوجد عادة للعلماء والمفكرين، وقد تكون الشخصية اجتماعية وتتحول إلى انطوائية ولكن بإرادة منها، ولكن الاجتماعيين المعتادين على الخروج وممارسة الأنشطة، خاصة من لديهم ميل عصابي، وقت أن ينعزلوا بسبب وباء يحدث أن تكون هناك بداية لأمور مثل الخوف من الاختلاط يُحدث ما يسمى رهاب التلامس وينعزلون بشكل تام خوفًا من المرض، ومع طول الفترة الزمنية أصبح سلوكًا مكتسبًا".

وأضاف: "التغلب على هذا الأمر يكمن في الرغبة في العلاج بذهابه إلى الطبيب النفسي، وهناك نستطيع تقديم يد المساعدة من خلال جلسات نفسية سلوكية، ككيف يواجه المجتمع وهذه مجرد سلوكيات، وهناك فرق بين الأمور المكتسبة (السلوك)، والمرض، كأن تكون هناك اضطرابات النوم زيادة ونقصانًا وكذلك الأكل؛ فقدان الشغف أو رغبات الحياة المختلفة فيجب زيارة الطبيب".

الوقاية خير من العلاج

وقال أستاذ علم الاجتماع الدكتور طه أبوحسين: "إن الإنسان يعاقب بمنع الحرية، فمن يسرق يعاقب بالسجن، وهو ما يسمى بتقييد الشخص بسبب اعتداء أو سرقة يجد في نفسه من حين لآخر مبررًا لهذا التقييد حتى وإن لم يرتضِه، أما من قيدت حرياتهم نتيجة للأوبئة فينظر للأمر على أنه غير مبرر وأحيانًا خداع، مثلما حدث في كوفيد-19، حيث ظن البعض أنها لعبة لإحكام السيطرة ليس إلا فيعيش حاجة من الهواجس الاضطرابية التي لا يجد لها مبررًا واضحًا".

وأضاف:" هذا الحد من الحرية وتقييدها له أضرار، ويمكن للناس مواجهتها بالتركيز، فعندما يأتي لي مريض يشتكي من أكثر من مشكلة، أنصحه بالتركيز على مشكلة واحدة فإذا كان لا يعمل أنصحه بالعمل والاجتهاد فيه والنجاح من خلاله، وحينما يفعل يقويه ذلك على باقي المشكلات، لكن الاكتفاء بالكلام عن الاكتئاب بسبب كورونا غير مفيد، وعلى الإنسان ألا يعيش حيز الخوف والتهديد واضعًا نفسه في مداهمات في كل لحظات حياته، هذا هو الخوف المردي الذي يحول الإنسان إلى لا شيء، فيتأثر عمله و كل شيء، والتوافق مع الحياة يهب الإنسان حياة وصفاء".

 

كيف تعتني بصحتك النفسية؟

تحت هذا البند أوردت منظمة الصحة العالمية في تقرير لها، أشياء يمكننا القيام بها للاعتناء بصحتنا النفسية ومساعدة الأشخاص الذين قد يحتاجون إلى مزيد من الدعم والرعاية، منها: الاطلاع على آخر المستجدات، والاستماع إلى نصائح وتوصيات السلطات الوطنية والمحلية في بلدك، ومتابعة القنوات الإخبارية الموثوقة، مثل قنوات التلفزيون والراديو المحلية والوطنية، كذلك آخر الأخبار الصادرة عن منظمة الصحة العالمية على وسائل التواصل الاجتماعي، واكتساب عادات يومية جديدة، والاستيقاظ والذهاب إلى السرير في الأوقات نفسها يوميا، والمحافظة على نظافتك الشخصية وأيضًا ممارسة الرياضة بانتظام.

أيضًا خصّص وقتًا للعمل ووقتًا للراحة، والتقليل من الوقت الذي تخصصه لمتابعة الأخبار التي تثير القلق أو التوتر لديك عند مشاهدتها أو قراءتها أو سماعها، وابحث عن أحدث المعلومات في أوقات محددة من اليوم، بمقدار مرة أو مرتين في اليوم عند الاقتضاء، وقلّل من كمية الكحول التي تشربها أو امتنع عن شربها تماما ولا تبدأ بشرب الكحول إذا لم يسبق لك أن شربتها. 

كذلك أوردوا ضرورة الانتباه إلى الوقت الذي تقضيه أمام الشاشة يوميا، واحرص على أخذ فترات راحة منتظمة تمتنع فيها عن أي نشاط متصل بالشاشات، وعلى الرغم من أن ألعاب الفيديو يمكن أن تكون وسيلة للاسترخاء، فإنها قد تغريك لتقضي وقتا أطول بكثير من ذلك الذي تقضيه عادة أثناء وجودك في المنزل لفترات طويلة، فاحرص على التوازن السليم في حياتك اليومية في ما يتعلق بالأنشطة غير الإلكترونية. 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية